الخميس، 29 سبتمبر 2011

إنهيار الإلحاد - الجزء الثاني - الكون الثابت




ادعى بعض الناس أن هذا الكون أزلي لابداية له ولا نهاية للهروب من فكرة وجود خالق للكون, وحتى بداية القرن العشرين كانت هذه الفكرة هي السائدة والمقبوله في الأوساط العلمية وتدعمها الايديولوجيات الإلحاديه الموجودة في العالم كالشيوعية والعلمانية وغيرها..وكم إستلهمت أفلام مصاصي الدماء هذه الفكره فصورت ليلا ونهارا سرمديا لاينتهي.

لكن هذه النظرية انهارت تماما بنهاية القرن نفسه ففي العشرينيات من القرن الماضي اكتشف الفلكي هابل تباعد النجوم عن بعضها البعض وعن الارض كذلك, وقد اكتشف ذلك من خلال مراقبتها وقياس شدة لمعانها وانحراف ضوئها الطيفي فالتي تنحاز نحو اللون الأزرق في طيف الالوان تقترب والتي تنحاز نحو اللون الاحمر في طيف الالوان تبتعد ويشرح الفيزيائي الشهير ستيفن هوكنج ذلك في كتابه (مختصر تاريخ الزمن)  فيقول:

( في ذلك الوقت توقع الكثير من الناس أن المجرات تتحرك بعشوائية وعليه فسنجد الكثير منها ينحرف للون الازرق- بلوشيفتد سبيكترم- أي يقترب من الارض لكن كانت مفاجأة تامة أن نجد معظم أو كل المجرات تبتعد عنا, ليس هذا فحسب بل كانت سرعاتها تزداد أكثر وأكثر كلما ابتعدت عنا).(1)
أي أن الكون يتسع بشكل مستمر, ومن هنا استنتج العلماء أننا اذا عدنا بالزمن للخلف فان النجوم والكواكب تقترب من بعضها البعض أكثروأكثر أي أنه في وقت ما قبل مليارات السنين كان الكون كله مكدس في نقطة واحدة عالية الكثافة والحراره لدرجة تفوق تصور العقل وفي حجم يساوي صفر أي عدما
Nothingness

و بالمثل كان الوقت أو الزمن صفر أي لم يبدأ بعد , ثم فجأة ولسبب لا يعرفه العلماء – على الاقل الملحدين- حدث انفجار ضخم لهذه النقطه بالغة الكثافة وهو ما يعرف بالانفجار الكبير
Big Bang 

و بعد ثانية واحدة من الانفجار كانت درجة الحرارة حوالي عشرة مليون درجة وكان الكون آنذاك عبارة عن جسيمات غاية في الخفة  بالاضافه الى فوتونات ونيوترونات وهذا الغبار الكوني الساخن أو الدخان الكوني – كوزميك سموك- أخذ يبرد شيئا فشيئا وفي نفس الوقت بدأ في التمدد والاتساع التدريجي المستمر ثم بدأت الكواكب والمجرات تتكون حتى وصلنا الى يومنا هذا ,  وهوما يعرف بنموذج الانفجار الكبير الساخن – ذا هوت بيج بانج مودل- خصوصا وقد باءت كل محاولات دحضه الكثيره بالفشل و تم اثباته بشكل نهائي حاسم على يد العلماء بنروز وهوكنج (2)

وبالنسبه للكرة الارضية فقد كانت في بدايتها عبارة عن كرة هشة من الكربون خالية تماما من الصلابة  التي يكسبها لها الحديد, (لأن الطاقة اللازمة لتكوين الحديد بكميات كبيرة من خلال الاندماج النووي داخل النجوم عالية جدا وغير موجودة في شمسنا حيث لاتتعدى نسبة الحديد بها 0.0037%) ثم بدأت النيازك المحملة بالحديد الناتجة عن انفجار النجوم العملاقه تهبط على الارض من خارج المجموعة الشمسية فتخترق سطح الأرض الكربوني الهش لتستقر في مركزها واخذت في التبرد شيئا فشيئا حتى زادت صلابة الارض وتكون لها مركز ثقل وجاذبية بفعل الحديد ثم مرت بعدة مراحل أخرى حتى وصلت لوضعها الحالي(3) .



اذا وبشكل نهائي تم علميا اثبات أن للكون بداية لم يكن للزمان والمكان وجود قبلها تماما كما يقول المتدينون..وإنهارت تماما فكرة سرمدية الكون وكانت ضربة قاتلة للإلحاد.


وكما كانت للكون  بداية فانه حتما له نهاية, فشمسنا ككل النجوم في السماء في طريقها لأن تستهلك كل طاقتها حتى تفنى وتموت ..وتنتهي معها المجموعة وللأبدن! وحتى لو افترضنا جدلا صحة خرافة أن السلاله البشرية ستستطيع التنقل بين المجرات بعيدا عن المجموعه الشمسية كما تصور روايات حرب النجوم , فاننا سنعيش في افلاك نجوم اخرى ستواجه نفس مصير الشمس.. فاين سيذهب الإنسان؟..هذا بخلاف ان افتراض التنقل بين المجرات يقضي بافتراض أن يكون عمر الإنسان الذي يقود المركبات الفضائية المتنقلة آلاف السنين الضوئية ....وهي وحدة قياس المسافة بين المجرات!!

إذا فنهاية الكون أمر بديهي واضح فمصيره هو كمصير كل جزء منه وكل كائن فيه ..وهو الموت, وذلك بغض
النظر هل سيتحول الى فوتونات مثلا أم سيعود للتكدس والانسحاق الشديد على بعضه طبقا لنظرية الانسحاق الكبير – ذا بيج كرنش- عندما تتساوى الجاذبية بين الأجرام السماوية وقوى الطرد والتباعد الناتجة عن الانفجار الكبير فيعود للانكماش لوضعه الأول كما بدأ أول مرة, والعلماء يعتقدون أن هذه النهاية للكون لن تحدث قبل خمسة عشر الف مليون سنة(4)

ولكن المسلمين يؤمنون بأنه لا أحد يعلم بالضبط متى سينتهي الكون, لأن نهاية الكون مرتبطه بيوم القيامة الذي لا يخضع لحسابات ولا يعلمه الا خالق السماوات والارض وحده سبحانه وتعالى فهو كالزلازل او أمواج التسونامي التي ضربت آسيا لا تأتي الا فجأة,وكما يقول القرآن عن يوم القيامة

((يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً)) سورة الاعراف 187


والآن هذا تلخيص لأحداث الانفجار الكبير كما اكتشفها العلم:

- هذا الكون له بداية لم يكن موجودا قبلها الزمان والمكان, حيث كان كل الكون (السماوات والارض) متجمعا في نقطة واحدة ثم انشطرت وتباعدت عن بعضها لسبب ما.(تعبير إنفجار هو مجازي وليس دقيقا فالأدق إنشطار وتباعد) (5)
- أخذ الكون في الاتساع منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا
- بدأت الكون بعد الانفجار كسحابة من الجسيمات الساخنة (دخان) ,أخذت في التبرد والتكثف لتكون المجرات والاجرام السماوية
- بدأت الارض ككرة هشة قذفت بوابل من النيازك المحملة بالحديد من خارج المجموعة الشمسية
- هناك إعتقاد  أن نهاية الكون ستكون بعودته لوضعه الأول من الانسحاق الشديد.

 وهنا لابد من الاشارة الى آيات القرآن الكريم التي  نزلت قبل اكثر من 1400 عام على رجل يعيش في صحراء مقفرة لم تكن كتب التاريخ تذكرها قبله وهو نبي الإسلام سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام ولنر كيف يحدثنا خالق الكون في كتابه الكريم  عن خلق الكون في آيات موجزة و معجزة..آمن بها المسلمون الأوائل كماهي..ليأتي العلم بعد أكثر من الف عام ليكتشف صدقها ولتكون حجة على كل جاحد أو معاند يتبع هواه ..يقول تعالى:

(أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) الانبياء (30)

(وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) الذاريات (47)

(ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) فصلت (11)

 (وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ) الحديد (25)

(يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) الانبياء (104)

وحقيقة أن لهذا الكون نهاية هي شيء مؤلم بالنسبة للكثيرين الذين يطمحون للخلود..كهؤلاء الذين يحاولون تجميد أنفسهم بعد الموت في أمريكا على أمل أن يأتي يوم يستطيع فيه الطب احياء الموتى!!

وعلى الجهة الأخرى حقيقة أن لهذا الكون بداية تزلزل الإلحاد وتهدمه لأنها تشير وبقوة الى قوة قادرة حكيمة كانت قبل الزمان والمكان ..حقيقة أن لهذا الكون خالقا, تستطيع .أن تناجيه في خلواتك وأن تستغيث به في أزماتك ,وهذه الحقيقه هي شيء فطري موجود في أعماق النفس البشرية..وهو ماخلق صراعا عند المجتمعات الملحدة...الصراع بين الفطرة والإلحاد..(تابع مقال- صراع الفطرة والإلحاد) .

ولأن مكتشفات العلم تقود كل باحث منصف إلى التعرف على وجود الله سبحانه وتعالى فإن العلماء الملاحدة يعانون من تشويش وتخبط عظيم ..فكلما قادهم بحثهم إلى وجود الخالق إصطدموا بقصص الإنجيل المحرف وتعارضها الصارخ مع العلم فنكصوا على أعقابهم كافرين...وهوتماما ما دفع فيزيائيا شهيرا كستيفن هوكنج أن يراهن على إسمه وتاريخه بطرح كتاب (التصميم العظيم) حاول فيه الخروج من مأزق الإنفجار العظيم ...فوضع العلم تحت رجليه و تحول من عالم شهير إلى فيلسوف أو ربما تقمص دور أحد المجاذيب الذين كانوا يطوفون القرى والنجوع قديما ولنا معه وقفة طويلة إن شاء الله.




(مختصر تاريخ الحقيقة) على الفيسبوك ...تابعونا

www.facebook.com/bh.truth





المراجع
1- Stephen Hawking, A Brief History of Time,Bantman Books, London, 1988, p.41

2- Stephen Hawking, A Brief History of Time,Bantman Books, London, 1988, p.55

3- د.زغلول النجار, من ايات الاعجاز العلمي, الارض في القران الكريم 2005, دار المعرفة, بيروت

4- Stephen Hawking, A Brief History of Time,Bantman Books, London, 1988, p.121

5- http://big-bang-theory.com/

Big Bang Theory - Common MisconceptionsThere are many misconceptions surrounding the Big Bang theory. For example, we tend to imagine a giant explosion. Experts however say that there was no explosion; there was (and continues to be) an expansion.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق